الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال القاسمي: {قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ}أي: بالإساءة إليهم، فإن الإساءة إليهم فضيحة للمضيف.{وَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ}.{قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} أي: عن أن تجير أحدًا منهم، أو تدفع عنهم، أو تمنع بيننا وبينهم، فإنهم كانوا يتعرضون لكل أحد، وكان يقوم صلى الله عليه وسلم بالنهي عن المنكر والحجر بينهم وبين المتعرِّض له. فأوعدوه وقالوا: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} [الشعراء: 167]. أفاده الزمخشري.{قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ} تقدم الكلام عليه في سورة هود مفصلًا.{لَعَمْرُكَ} قسم بحياة النبي صلى الله عليه وسلم، اعترض به تعبًا من شدة غفلتهم وتكريمًا للمخاطب: {إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ} أي: غفلتهم التي ذهبت معها أحلامهم: {يَعْمَهُونَ} أي: يترددون فلا يفهمون ما يقال لهم، ولما لم يسمعوا منه النصيحة المبقية لهم؛ أسمعهم الله الصيحة المهلكة لهم.{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} أي: صيحة العذاب: {مُشْرِقِينَ} أي: داخلين في وقت شروق الشمس.{فَجَعَلْنَا} أي: من تلك الصيحة المحركة للأرض: {عَالِيَهَا سَافِلَهَا} قال المهايمي: لجعلهم الرجال العالين كالنساء السافلات.{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} أي: طين متحجر؛ لرجمهم على لواطهم.{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} أي: الناظرين بطريق في الآيات.{وَإِنَّهَا} يعني مدينة قوم لوط المدمَّرة: {لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ} أي: ثابت يسلكه الناس، لم يندرس بعد، وهم يبصرون تلك الآثار.قال الزمخشري: وهو تنبيه لقريش، كقوله: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: 137- 138].{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ} أي: في هلاكهم لعبرة لهم.تنبيهان:الأول: قال ابن القيم في أقسام القرآن: أكثر المفسرين من السلف والخلف، بل لا يعرف السلف فيه نزاعًا- أن هذا- يعني قوله تعالى: {لَعْمُركَ} قسم من الله بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا من أعظم فضائله أن يقسم الرب عز وجل بحياته، وهذه مزية لا تعرف لغيره.ولم يوفق الزمخشري لذلك، فصرف القسم إلى أنه بحياة لوط، وإنه من قول الملائكة.فقال: هو على إرادة القول. أي: قالت الملائكة للوط عليه السلام: {لَعْمُركَ} الآية، وليس في اللفظ ما يدل على واحد من الأمرين، بل ظاهر اللفظ وسياقه إنما يدل على أن ما فهمه السلف أطيب، لا أهل التعطيل والاعتزال.قال ابن عباس رضي الله عنهما: {لَعْمُركَ} أي: حياتك، قال: وما أقسم الله تعالى بحياة نبي غيره، والعَمر والعُمر واحد، إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لإثبات الأخف؛ لكثرة دور الخلف على ألسنتهم، وأيضًا فإن العمر حياة مخصوصة، فهو عمر شريف عظيم أهلٌ أن يقسم به؛ لمزيته على كل عمر من أعمار بني آدم، ولا ريب أن عمره وحياته من أعظم النعم والآيات، فهو أهل أن يقسم به، والقسم به أولى من القسم بغيره من المخلوقات. ثم قال ابن القيم: وإنما وصف الله سبحانه اللوطية بالسكرة؛ لأن للعشق سكرة مثل سكرة الخمر كما قال القائل:الثاني: قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} قال السيوطي في الإكليل: هذه الآية أصل في الفراسة. أخرج الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعًا: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله»، ثم قرأ هذه الآية، وقد كان بعض قضاة المالكية يحكم بالفراسة في الأحكام، جريًا على طريق إياس بن معاوية. انتهى.وقد أجاد الكلام في الفراسة الراغب الأصفهاني في كتاب الذريعة حيث قال في الباب السابع: وأما الفراسة، فالاستدلال بهيئة الإنسان وأشكاله وألوانه وأقواله، على أخلاقه وفضائله ورذائله.وربما يقال: هي صناعة صيادة لمعرفة أخلاق الإنسان وأحواله، وقد نبه الله تعالى على صدقها بقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]، وقوله: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُم} [البقرة: 273]، وقوله: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]، ولفظها من قولهم: فَرسَ السبعُ الشاةَ. فكأن الفراسة اختلاس المعارف، وذلك ضربان: ضرب يحصل للإنسان عن خاطر لا يعرف سببه، وذلك ضرب من الإلهام، بل ضرب من الوحي، وإياه عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «المؤمن ينظر بنور الله» وهو الذي يسمى صاحبه: المروّع والمحدَّث، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن يكن في هذه الأمة محدَّث فهو عمر».وقيل في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. الآية، إنما كان وحيًا بإلقائه في الروع، وذلك للأنبياء كما قال عز وجل: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلبِكَ} [الشعراء: 193- 194]، وقد يكون بإلهام في حال اليقظة، وقد يكون في حال المنام، ولأجل ذلك قال عليه الصلاة السلام: «الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة».والضرب الثاني من الفراسة يكون بضاعة متعلمة وهي معرفة ما بين الألوان والأشكال، وما بين الأمزجة والأخلاق والأفعال الطبيعية، ومن عرف ذلك كان ذا فهم ثاقب بالفراسة، وقد عمل في ذلك كتب، من تتبع الصحيح منها اطلع على صدق ما ضمنوه، والفراسة ضرب من الظن، وسئل بعض محصلة الصوفية عن الفرق بينهما فقال: الظن بتقلب القلب، والفراسة بنور الرب، ومن قوي فيه نور الروح المذكور في قوله تعالى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29]، و[ص: 72]، كان ممن وصفه بقوله: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: 17]، وكان ذلك النور شاهدًا؛ أصاب فيما حكم به، ومن الفراسة قوله عليه السلام في المتلاعنين: «إن أمرهما بيِّنٌ، لولا حكم الله».{وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ} {إن} مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف. أي: وإن الشأن كان أصحاب الأيكة، وهم قوم شعيب عليه السلام. كانوا يسكنون أيكة، وهي بقعة كثيرة الأشجار، فظلموا بأنواع من الظلم، من شركهم بالله وقطعهم الطريق ونقصهم المكيال والميزان. فبعث الله إليهم شعيبًا عليه السلام فكذبوه.{فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ} أي: بعذاب الظلة، وهي: سحابة أظلتهم بنار تقاذفت منها، فأحرقتهم: {وَإِنَّهُمَا} يعني قرى قوم لوط والأيكة: {لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} أي: طريق واضح، وقد كانوا قريبًا من قوم لوط، بعدهم في الزمان ومسامتين لهم في المكان، ولهذا لما أنذرهم شعيب قال: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيد} [هود: 89]. اهـ. .قال الشنقيطي: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67)}سبب استبشار قوم لوط أنهم ظنوا أنهم ظنوا الملائكة شبابًا من بني آدم فحدثتهم أنفسهم بأن يفعلوا بهم فاحشة اللواط كما يشير لذلك قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} [الحجر: 68]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ} [القمر: 37]. الآية وقوله: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات} [هود: 78]. إلى غير ذلك من الآيات.{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)}بين تعالى فه عذع الآية أن فيما أوقع من النكال بقوم لوط آيات للمتأملين في ذلك تحصل لهم بها الموعظة والاعتبار والخوف من معصية الله أن ينزل بهم مثل ذلك العذاب الذي أنزل بقول لوط لما عصوه وكذبوا رسوله، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله في العنكبوت: {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 35]، وقوله في الذاريات: {وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ العذاب الأليم} [الذاريات: 37]، وقوله هنا: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} وقوله في الشعراء بعد ذكر قصة قوم لوط: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ} [الشعراء: 8]. الآية، كما صرح بمثل ذلك في إهلاك قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب في الشعراء وقوله: {لِلْمُتَوَسِّمِينَ} اصل التوسم تفعل من الوسم وهو العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيرها. يقال توسمت فيه الخير إذا رأيت ميسمه فيه أي علامته التي تدل عليه، ومنه قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في النَّبي صلى الله عليه وسلم:وقال الآخر: هذا أصل التوسم وللعلماء فيه أقوال متقاربة يرجع معناها كلها إلى شيء واحد. فعن قتادة للمتوسمين اي العتبرين، وعن مجاهد للمتوسمين اي المتفرسين، وعن ابن عباس والضحاك للمتوسمين اي للناظرين، وعن مالك عن بعض أهل المدينة للمتوسمين أي للمتأملين.ولا يخفى ان الاعتبار والنظر والتفرس والتأمل معناها واحد، وكذلك قول ابن زيد ومقاتل للمتوسمين اي للمتفكرين، وقول ابي عبيدة للمتوسمين أي للمتبصرين، فمآل جميع الأقوال راجع إلى شيء واحد وهو أن ما وقع لقوم لوط فيه موعظة وعبرة لمن نظر في ذلك وتأمل فيه حق التأمل وإطلاق التوسم على التأمل والنظر، والاعتبار مشهور في كلام العرب ومنه قول زهير: أي المتأمل في ذلك الحسن، وقول طريق بن تميم العنبري: اي ينظر ويتأمل، وقال صاحب الدر المنثور وأخرد ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: للناظرين، وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله: {لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}: قال للمعتبرين، وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن نجاهد في قوله: {لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: هم المتفرسون، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: هم المتفرسون، وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن السني وابو نعيم معاص في الطب وابن مردودية والخطيب عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن فإن ينظر بنور الله» ثم قرأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: «للمتفرسين» وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن فإن المؤمن ينظر بنور الله» وأخرج ابن جرير عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إحذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله» وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن السني وأبو نعيم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم» اهـ.{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76)}بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن ديار قوم لوط وآثار تدمير الله لها بسبيل مقيم أي بطريق ثابت يسلكه الناس لم يندرس بعد، يمر بها أهل الحجاز في ذهابهم إلى الشام، والمراد أن آثار تدمير الله لهم التي تشاهدون في اسفاركم فيها لكم عبرة ومزدجر يوجب عليكم الحذر من أن تفعلوا كفعلهم لئلا ينزل الله بكم يمثل ما أنزل بهم واوضح هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وبالليل أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الصافات: 137-138]، وقوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ الله عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد صلى الله عليه وسلم: 10]، وقوله فيها وفي ديار أصحاب الأيكة: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} [الحجر: 79]، إلى غير ذلك من الآيات.{وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79)}ذكر جل وعلا في هذه الآية أن أصحاب الأيكة كانوا ظالمين وأنه جل وعلا انتقم منهم بسبب ظلمهم، وأوضح هذه القصة في مواضع أخر كقوله في الشعراء {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيكة المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين أَوْفُواْ الكيل وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ واتقوا الذي خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الكاذبين فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السماء إِن كُنتَ مِنَ الصادقين قَالَ ربي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظلة إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ} [الشعراء: 176-190]. فبين في هذه الآية أن ظلمهم هو تكذيب رسولهم وتطفيفهم في الكيل وبخسهم الناس أشياءهم، وأن انتقامه منهم بعذاب يوم الظلة، وبين أنّه عذاب يوم عظيم، والظلة سحابة أظلتهم فأضرمها الله عليهم نارًا فأحرقتهم والعلم عند الله تعالى.قرأ نافع والن عامر وابن كثير {ليكة}. في الشعراء وص بلام مفتوحة أول الكلمة وتاء مفتوحة آخرها من غير همز ولا تعريف على أنه اسم للقرية غير منصرف، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي {الأيكة} بالتعريف والهمز وكسر التاء، وقرأ كذلك جميع القراء في ق والحجر. قال أبو عبيدة: ليكة والأيكة اسم مدينتهم كمكة وبكة، والأيكة في لغة العرب الغيضة وهي جماعة الشجر والجمع الأيك، وإ، ما سموا أصحاب الأيكة لأنهم كانوا أصحاب غياض ورياض، ويروى أن شجرهم كان دومًا وهو المقل، ومن إطلاق الأيكة على الغيضة قول النابغة: وقال الجوهري في صحاحه: ومن قرأ {أصحاب الأيكة} فهي الغيضة، ومن قرأ {ليكة} فهي اسم القرية، ويقال: هما مثل بكة ومكة، وقال بعض العلماء: الآيكة الشجرة، والأيك هو الشجر الملتف. اهـ.
|